الصدقة الجارية.. أفضل الصدقات التي تطهرنا وتزكّينا

 

أعظم شيء بعد فعل الخير، هو جعل هذا الخير مستمرًا. على هذا المبدأ تقوم فكرة الصدقة الجارية في الإسلام، حيث يتسابق المسلمون على تأديتها لنيل الثواب في الدنيا والآخرة. 

 

وتأتي الصدقة الجارية على رأس الأعمال الخيرية، لأنها تعكس قيمًا إنسانية نبيلة وتدفع المسلمين إلى مد يد العون والمساعدة للآخرين. 

 

فما أهمية الصدقة الجارية؟ 

في هذه المقالة نفصل في أهمية الصدقة الجارية في جوانب عديدة، ولنبدأ بتأثيرها على المتصدّق: 

 

# أهمية الصدقة لزيادة الرزق

في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،: “ما نقصتْ صدقةٌ من مال، وما زادَ الله عبدا بعفو إلا عِزّا، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله”.

وفي حديث آخر عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما نقص مال من صدقة..”.

 

بنظرة متأملة إلى الحديثين الشريفيْن نجد أن الصدقة وسيلة لزيادة الرزق والبركة في المال والموارد. فلم ينفِ الرسول الكريم النقصان فقط، بل تحدث عن الزيادة في الرزق والمال. 

 

# أهمية الصدقة في تحقيق النجاح

تعمل الصدقة الجارية كوسيلة لتحقيق النجاح والتقدم للمتصدق والمجتمع على حد سواء. فعندما يتم إنفاق المال في سبيل الله من أجل دعم الفقراء والمحتاجين والمشاريع الخيرية، يفتح الله أبواب البركة والتوفيق في الأعمال والمشاريع الأخرى. إنها رؤية شاملة تجمع بين العبادة والأعمال الإنسانية الخيرية.

 

ومن مزايا الصدقة الجارية أيضًا، أنها تنقل الثواب للأحبة أحياء وأموات: 

# أهمية الصدقة الجارية للوالدين

الصدقة الجارية إحدى وسائل تعبير الأبناء عن الحب والبر لوالديهم، سواء كانوا على قيد الحياة أو بعد وفاتهم. مستحبّ أن يدعم الابن والديه بصدقةٍ جارية تعينهم في الدنيا، وتحمل لهما الثواب في الآخرة. 

 

# أهمية الصدقة الجارية للميت

ويظهر أثر الصدقة الجارية جليًا للميت بعد وفاته. يروي أبو هريرة عن الرسول “صلى الله عليه وسلم”: “إذا مات ابنُ آدم انقطع عملُه إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له”. 

الحديث الشريف يبين أن الصدقة الجارية هي عدّاد حسنات مفتوح إلى ما لا نهاية، ترتفع بفضلها درجة الميت في الجنة، بإذن الله. 

 

#الصدقة الجارية تدفع البلاء

ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم -برواية الترمذي- أنه قال: “الصدقة تطفيء غضب الرب وتدفع ميتة السوء”. وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: “ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا”.

 

الأحاديث السابقة تشير إلى أن الصدقة الجارية قد تدفع البلاء والمصائب عن المسلم إذا أراد الله ذلك. مع ذلك، يجب فهم هذه الأحاديث بالتوازن. فالصدقة لا تحمي تمامًا من جميع البلايا والمصائب، لأنها جزء من اختبار الله للمسلم، لكن الله قد يخفف البلاء بفضلها.

 

# أثر الصدقة الجارية على المجتمع

تشعر المجتمعات التي يحرص أفرادها على الصدقة الجارية، بالأثر الإيجابي لتلك الصدقات. ففيها دعم مستمر للفقراء والمحتاجين، ومن خلالها يتم تنفيذ المشاريع الخيرية، وتعزيز التضامن الاجتماعي. 

 

فالصدقة الجارية تتميز عن الصدقة العادية بأثرها المستمر في تحقيق الخير والفائدة، ولا تقتصر على مساعدة مالية مقطوعة في وقت معين -رغم أهمية كافة أنواع الصدقات-.  

 

# أمثلة على الصدقة الجارية

من الأمثلة الشهيرة على الصدقة الجارية، تأسيس مشاريع خيرية مثل المستشفيات والمدارس وآبار المياه والمساجد. 

 

كما تعدّ الأسهم الوقفية التي يعمل من خلالها صندوق الوقف الدولي، شكل من أشكال الصدقة الجارية. صندوق الوقف الدولي، يجمع الصدقات والأسهم الوقفية، ثم يستثمرها في نظام آمن ومتوافق مع الشريعة الإسلامية، ثم يستخدم ريعها السنوي في تمويل مشاريع تحقق نفعًا مستمرًا للمحتاجين. وللحفاظ على مفهوم الوقف ودوام الصدقة، يتم استثمار جزء من العوائد مرة أخرى كي يبقى التبرع جاريًا.  

 

ومن شروط قبول الصدقة الجارية في الإسلام، أن يخرجها صاحبها بنيةٍ خالصةٍ لله، وليس للتميز أو الرياء أمام الناس. كما يقبل الله الصدقات من المال النقي الحلال، ويحب أن تكون سرية ما أمكن. 

 

أما عن أوجه صرفها، فتجوز الصدقة على جميع المحتاجين والفقراء والمعوزين، سواء كانوا من المسلمين أو غير المسلمين. 

 

لا يوجدُ مقدار محدد لها، ولا عدد مرات للتصدق، طالما أن الشخص قادر على التبرع بها. 

 

كلمة أخيرة، 

الصدقة الجارية تمثل قيمة إنسانية عظيمة، وهي وسيلة لتحقيق الفائدة في الدنيا والآخرة. من زيادة الرزق إلى بر الوالدين إلى رحمة الميت إلى تكافل المجتمعات، يمتد مفهوم الصدقة الجارية كخير دائم.  

 

يقول الله تعالى في كتابه: “مَّن ذَا ٱلَّذِى يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضًا حَسَنًۭا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥٓ أَضْعَافًۭا كَثِيرَةًۭ ۚ وَٱللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ” (البقرة: 245). قد تكون فرصتك في بدء قرض حسن مع الله من خلال التبرع بسهمٍ وقفي من خلال صندوق الوقف الدولي. 

التصنيف: صدقة جارية